سورة الزخرف - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


الكتاب: القرآن الكريم. المبين: لِطريق الهدى. لعلّكم تعقلون: لعلكم تفهمونه لأنه بلسانكم. أُم الكتاب: اللوح المحفوظ. افنضرب عنكم الذِكر: انُعرض عنكم ونترككم. صفحا: إعراضا. مسرفين: متجاوزين الحد في الكفر. أشدّ منهم بطشا: اقوى منهم وأجلد. مثَل الاولين: وصفهم وحالهم. مهداً: فراشا. سبلاً: طرقا. بقدر: بمقدار تقتضيه الحكمة والمصلحة. فأنشَرنا: فأحيينا. ميتاً: يابسة خالية من النبات. الأزواج: أصناف المخلوقات. لتستووا على ظهوره: لتستقروا عليها. سخّر: ذلل. مقرنين: مطيقين. يقول الشاعر: ولستم للصعاب بمقرنينا. لمنقلبون: لراجعون.
حم: تقرأ هكذا حاميم. افتتحت هذه السورة بهذين الحرفين من حروف الهجاء وقد تقدم ذِكر أمثالهما.
وقد أقسم الله تعالى بكتابه المبين لطريقِ الهدى، وأنه جعله بلغةِ العرب، لغة قومك أيّها الرسولُ لِيفهَموا معناه، وأنه محفوظٌ في علمه تعالى، فليس هو من عند محمدٍ كما تدّعون يا مشركي قريش. اننا لن نترك تذكيركم به بسببٍ من إعراضكم عنه، وانهماككم في الكفر به، وإنما نفعل ذلك رحمةً منّا ولطفاً بكم.
ثم حذّرهم وأنذرهم بأن كثيراً من الأمم قبلهم كانوا أشدّ منهم قوة، وكذّبوا رسُلَهم فكانت عاقبتهم الدمار والهلاك.
{ومضى مَثَلُ الأولين}
وقد رأيتم ما حلّ بهم، فاحذَروا ان يحل بكم مثلُه.
وبعد أن ذكر ان المشركين سادِرون في كُفرهم وإعراضهم عما جاء به القرآن بيّن هنا أن أفعالهم تخالف أقوالهم: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز العليم}
ومع اعترافهم هذا بالله يعبُدون الاوثان من دونه!!.
ثم ذكر تعالى أنه هو الذي جعل لكم الأرضَ فِراشاً ممهَّدا، وجعل فيها طُرقاً لتهتدوا بها في سيَركم، ونزّل من السماء ماءً بقدْر الحاجة يكفي الزرع ويسقي الحيوان، وأحيا به الأرضَ الميتة. ومثلُ إحياء الأرضِ بعد موتها، يخرجُكم يومَ القيامة للحساب والجزاء. ولقد خلق اصناف المخلوقات جميعاً من حيوان ونبات، وسخّر لكُم السفنَ والدوابّ لتركبوها، وتذكروا نعمة ربكم وتقولوا: {سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}
لولا لطفُ الله بنا ما كنا لذلك مطيقين. إننا يوم القيامة إلى ربنا لراجعون، فيجازي كلَّ نفس بما كسبت، فاستعدّوا لذلك اليوم، ولا تغفلوا عن ذِكره.
قراءات:
قرأ نافع وحمزة والكسائي: {إن كنتم قوما مسرفين} بكسر همزة {إن}. والباقون: {أن كنتم} بفتح الهمزة.


جزءا: ولداً، إذ قالوا الملائكة بنات الله. مبين: ظاهر واضح. بما ضرب للرحمن مثَلاً: يعني بالبنات. أصفاكم: خصّكم. كظيم: ممتلئ غيظا. يُنشَّأ: يربَّى.
بعد أن بيّن الله أنهم يعترفون بالألوهية وأن الله هو خالق هذا الكون- ذكر هنا أنهم متناقضون مكابرون، فهم مع اعترافهم لله بخلْق السموات والأرض قد جعلوا بعضَ خلقه ولدا ظنوه جزءا منه. وهذا كفرٌ عظيم.
ومن عجيب أمرِهم أنهم خصّوه بالبنات، وجعلوا لهم البنين، مع انهم إذا بُشِّر أحدُهم بالأنثى صار وجهه مسودّا من الغيظ، وامتلأ كآبة وحزناً لسوء ما بُشّر به.
{أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحلية وَهُوَ فِي الخصام غَيْرُ مُبِينٍ}
وقد جعلوا لله الأنثى التي تتربّى في الزينة، واذا خوصِمتْ لا تقْدِر على الجَدل والمخاصمة، واختاروا لأنفسِهم الذكور!!
ثم نعى عليهم في جَعْلهم الملائكة إناثا، وزاد في الانكار عليهم بأن مثلَ هذا الحكم لا يكون الا عن مشاهدة، فهل شَهدوا ولادتهم؟
{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} يوم القيامة حيث يُسألون عنها ويجازون بها.
ثم حكى عنهم شُبهةً أخرى، وهي انهم قالوا: لو شاء الله ما عبدْنا الملائكة، وردّ عليهم بقوله: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ} ويعني: هل اعطيناهم كتاباً قبل القرآن يؤيّد افتراءهم هذا فهم متعلقون به!
وعندما فقدوا كل حجة ودليل قالوا: {إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}
لقد وجدْنا آباءنا على دينٍ فقلّدناهم، وبذلك ينقطع الجدل بعد عنادهم وعجزهم.
ان حال هؤلاء مثلُ الأمم السابقة، فقد قالت {إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}
وفي هذا تسليةٌ للرسول الكريم ودلالة على أن التقليد في نحو ذلك ضلالٌ قديم.
ثم حكى الكتابُ الكريم ما قاله كل رسول لأمته: {قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بأهدى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ}
اتتبعون آباءكم وتلقّدونهم ولو جئتكم بدينٍ هو خيرٌ من دين آبائكم بما فيه من الهداية والرشاد!.
فقالوا مجيبين ومصرّين على كفرهم: {قالوا إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}. ولم يبق لهم عذرٌ بعد هذا كله ولذلك قال تعالى: {فانتقمنا مِنْهُمْ فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المكذبين}
وفي هذا تسليةٌ كبرى للرسول الكريم، وإرشادٌ له إلى عدم الاكتراث بتكذيب قومه له، ووعيدٌ وتهديد لهم.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وحفص: {أوَمَن يُنَشّأ} بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين المفتوحة والباقون: {أوَمَن يَنْشأ} بفتح الياء وسكون النون وفتح الشين من غير تشديد.
وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر: {وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن}. والباقون: {الذي هم عباد الرحمن}. وقرأ نافع: {أأُشْهدوا خلقهم} بفتح الهمزة وبضم الألف وإسكان الشين. وقرأ الباقون: {أشهِدوا} بهمزة واحدة وكسر الشين. وقرأ ابن عامر وحفس: {قال أولو جئتكم}. وقرأ الباقون: {قل أولو جئتكم}، بفعل الأمر.


براء: بريء، ولفظ (براء) يطلق على المفرد والمثنى والجمع تقول: أنا براء مما تعملون، وانتم براء وانتما براء. فطرني: خلقني. وجعلها كلمة باقية: وجعل كلمة التوحيد باقية. في عقبه: في ذرّيته. من القريتين: من إحدى القريتين وهما مكة والطائف. رحمة ربك: النبوة. سخريا: بمعنى التسخير. معارج: مفرده مَعْرَج ومعراج وهو المَصْعَد والسلّم. وعليها يظهَرون: يصعدون. السرر والأسرة: جمع سرير. الزخرف: الزينة والنقوش. انْ كل ذلك لمّا متاع الحياة: إنْ كل ذلك الا متاع الحياة.
يبين الله تعالى للمعاندين لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم أن أشرفَ آبائهم وهو ابراهيم عليه السلام تركَ دينَ آبائه، وقال لأبيه وقومه: إنني بريء من عبادة آلهتكم الباطلة. وانه لا يعبد الا الله الذي خلَقَه على فِطرة التوحيد، فهو سَيَهديه إلى طريق الحق، ويجعلُ كلمة التوحيد باقيةً في ذرّيته {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} فيؤمنون بها.
لقد متّع الله قريشاً بالنعمة والأمن في بلدهم، فاغترّوا بذلك ولم يتّبعوا ملّةَ أبيهم ابراهيم...
{حتى جَآءَهُمُ الحق وَرَسُولٌ مُّبِينٌ}
جاءهم الرسولُ الأمين بالقرآن الكريم يهديهم إلى الصراط المستقيم. فلما جاءهم الرسول بالحقّ كذّبوه وقالوا ساحر.
{وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ}
وقالوا مستخفّين بهذا النبيّ الكريم لأنه فقير: هلاّ نزل القرآن على أحد رجلين من عظماء مكة أو الطائف وهما: الوليدُ بن المغيرة من سادات مكة، أو عروة بن مسعود الثقفي من سادات الطائف.
وهنا يردّ الله تعالى عليهم ويبين لهم جهلهم بأن العظمةَ ليست بكثرة المال ولا بالجاه، وأن النبوة منصبٌ إلهي وشرفٌ من الله يعطيها من يستحقها، وليست بأيديهم ولا تحت رغبتهم ولذلك قال: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ}
كيف جهِلوا قَدْرَ أنفسِهم حتى يتحكموا في النبوة ويعطوها من يشاؤون! الله تعالى قَسَم المعيشة بين الناس وفضّل بعضهم على بعض في الرزق والجاه، ليتخذَ بعضُهم من بعض أعواناً يسخّرونهم في قضاء حوائجهم، وليتعاونوا على هذه الحياة.
{وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}
والنبوّة وما يتبعها من سعادة الدارَين خيرٌ من كل ما لديهم في هذه الحياة الدنيا. فهذا التفاوت في شئون الدنيا هو الذي يتم به نظام المجتمع، فلولاه لما صرَّف بعضُهم بعضا في حوائجه، ولا تعاونوا في تسهيل وسائل العيش.
ثم بين الله تعالى انه: لولا ان يرغبَ الناسُ في الكفر إذا رأوا الكفار في سَعةٍ من الرزق لمتَّعهم الله بكل وسائل النعيم، فجعل لبيوتهم أبواباً من فضة وسقُفا وسررا ومصاعد من فضة، وزينةً في كل شيء.. وما هذا كلّه إلا متاع قليلٌ زائل مقصور على الحياة الدنيا الفانية.
{والآخرة عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}
أعدّها الله للذين أحسنوا واتقَوا وأخلصوا في إيمانهم.
روى الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تَعْجِل عند الله جناحَ بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء».
قراءات:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {سَقفاً} بالافراد، والباقون: {سُقُفا} بالجمع. وقرأ عاصم وحمزة وهشام: {لمّا متاع الحياة} بتشديد ميم {لما}. والباقون: {لما} بالتخفيف.

1 | 2 | 3